الخميس، 15 سبتمبر 2016

مذكرات مدرسة الحسن الأول / الجزء الرابع

.. نغادر المدرسة بعد صافرة المعلم، يتناوب المعلمون على اداء هذه المهمة،اسعد لحظة،أروع صافرة صافرة الخروج،لها وقع خاص في آذاننا،لها جرس مميز، نسرع الخطى ،نسير بهمة و رشاقة عاليتين،عكس الكسل و التثاقل الذي يطبع الدخول، لا يكاد الباب يلفظنا،حتى نتحول الى عفاريت،خرجت للتو من قماقم،أو أباريق..صياح ،و صراخ و جري و ركض،مطاردة هنا وهناك،،هل كان الصمت الذي يخيم علينا في قاعات الدرس، هو الهدوء الذي يسبق العاصفة؟كل الضغط الذي مورس علينا،يتفجر الآن ضجيجا،و ركلا و رفسا فيما بيننا،سلوكات عنيفة أحيانا في شكل ألعاب ،،نجد في الطريق حشائش و أعشابا،نبحث بينها عن أزهار الأقحوان،نقطفها،ثم نبدأ في نزع وريقاتها،البيضاء او الصفراء،او البرتقالية،ثم نتسلى بلعبة ناجح/ماناجح، تخذلنا الزهرة،و نرسب في الامتحان،ندهسها بأقدامنا و نحن نلعن حظنا العاثر،نكرر التجربة،نعاود قطف زهرة أخرى،ناجح/ما ناجح،الى أن نحصل على بغيتنا،الى أن ننجح،فنعبر عن فرحتنا،و نرقص لنجاحنا،كنّا مستعدين،لنحصد حقلا بكامله من زهر الأقحوان،لنحصل على النجاح الذي ظل يعاندنا،،الخروج مساء من المدرسة،فرصة لتناول القليل من الزاد،قطعة من الخبز المغموس في الزيت،أو حبات برتقال،،تتحسس جيبك،تطمئن على البرتقالة اللذيذة،تلتفت يميناً و يسارا،تشعر بالأمان،تسحبها برفق،ما تكاد تقضمها لتنتزع قشرتها،حتى تمتد نحوك الأكف و الايادي،كأن الأرض انشقت و انبعثت منها هذه العفاريت،وتبدأ عمليات التسول و الاستجداء،هذا يبسط كفه لك،و هو يردد لجنت/لعذاب،لجنت/لعذاب،يرددها دون أن يمل،آخر يردد ،عافاك إيميك،و الاخر يمطرك بوابل من الدعوات،لمنحه القليل منها،،تفكر،تجد أن البرتقالة التي طالما تحسست ملمسها الجميل و أنت في القسم،و تلذذت بمذاقها الحلوباتت في خطر، وأنها لن تسع هذه الأفواه الجائعة،تغير رأيك،تفكر في حيلة،تسكت بهااستجداءهم المتواصل، تقول لهم عذرا،لن آكلها، سأمصها،يشعرون بالخيبة،يقترب منك أحدهم ،يفاجئك قائلا:حين تمتصها،إمنحها لي،أنا انتظر..يضحك الآخرون من ذكائه و شراهته،تمنحها له،بعد تجفيف ينابيعها،نواصل الطريق وسط ضحكاتنا و قهقهاتنا..

ليست هناك تعليقات: