الخميس، 15 سبتمبر 2016

مذكرات مدرسة الحسن الاول/الجزء الثاني

كان ذلك في مدرسة الحسن الاول،أواخر الستينات،في الابتدائي الثاني ومعلم الفرنسية يدعى سي (ب/أ)كان رحمة الله عليه حريصا أشد الحرص، على تعليمنا و تربيتنا في آن،بل يضع التربية في المقام الأول ،أتذكر انه كان حريصا على ان نلتزم قواعد النظافة في ملبسنا و مأكلنا ومشربنا وان نؤدي الصلاة في أوقاتها،و ،كان يامرنا عشية كل خميس،بتخصيص يوم الجمعة،وكان يوم عطلة، للاغتسال وحلق الشعر و تقليم الاظافر،وتنظيف الأسنان و اداء صلاة الجمعة في الجامع الكبير،و للتأكد من التزامنا بتلك القواعد الصحية و التوجيهات كان يكلف احد التلاميذ بتسجيل الحاضرين وضبط المتغيبين عن الصلاة، لذا فقد كنّا حريصين على الجلوس قرب التلميذ المكلف بتلك المهمة حتى لا نجد أنفسنا في لائحة المتغيبين، و الويل لمن تغيب دون مبرر مقبول عن صلاة الجمعة،فالفلقة في انتظاره٠في اليوم الموالي اي السبت يخصص المعلم آخر الحصة لتتبع و التأكد من التزامنا بتلك الضوابط،بحيث يدعونا للوقوف امام السبورة،نقف مطأطئي الرؤوس،مثل انقلابيين فاشلين،أمام كتيبة إعدام،ويشرع في تفتيشنا كأي جمركي في نقطة تفتيش،كان التفتيش دقيقا يتركز أساسا على الاظافر والشعر و العنق مع نظرات حادة وصارمة لملابسنا، لم يكن يأبه للرقع التي تخفي بعض الملابس الممزقة، لم يكن يؤاخذنا على ذلك،فتلك كانت طبيعة ملابس تلك الحقبة،أي رتقها و اعادة استعمالها،لذلك ، كانت رؤية الشخص بجلباب او فوقية،خلفها شاشة من ثوب مشابه، مشهدا مألوفا،لا يثير فضول أحد،،كان حرصه أكثر على النظافة،لا يقبل أبدا أن نكون متسخين،اوتكون ملابسنا رثة،كان يسير ببطء و هو يفحصنا،بينما كانت قلوبنا تخفق بشدة،وكلما تجاوز أحدنا إلا وتنفس الصعداء٠٠بعض التلاميذ يرسبون في هذا الامتحان،فنشفق لحالهم،،كثيرا ما ينتهي التفتيش باكتشاف قمل يرعى في رأس أحدهم،فينفجر المعلم في وجهه غاضبا،مهددا و متوعدا،،لم يكن الأمر يشكل فضيحة،فلكل واحد منا نصيبه من هذه الحشرات اللعينة،التي تعشش في رؤوسنا،و كانت أمهاتنا تحرصن على البحث عنهاعلى سحقها،و رؤوسنا منحنية خاضعة،بل كنّا نستمتع بطرطقتهابين أظافرهن،،أحيانا لا نجد وسيلة للتخلص منها،غير الذهاب الى المدرسة برؤوس حليقة،بعد نسف تلك المراعي التي تعشش فيها..كان معلم الفرنسية مدرسة في التربية و الأخلاق،رحمة الله عليه.

ليست هناك تعليقات: