الجمعة، 24 مارس 2017

مذياع في القسم ج 2

... موقعه في القسم لم يسمح له بأية مناورة،كان يجلس في المقعد الأمامي،المقابل لمكتب الاستاذ، هذا الأخير يعتمد عليه كثيرا في تنشيط الدرس، يكلفه بتدوين بعض الشروحات او الأفكار على السبورة، ظل متوترا خلال الحصة، حاول مرارا دس يده في جيبه لتشغيل المذياع،لكنه سرعان ما يسحبها،ظل قلبه يخفق بشدة، المباراة انطلقت،و لاسبيل لمتابعة أطوارها،المذياع الصغير يرقد في جيبه بأمان،و السماعة تنساب كدودة طويلة،تحت ملابسه،لتطل باستحياء برأسها الصغيرة،من تحت كم قميصه،لاشك أن الاستاذ لاحظ توتره،و شروده الذهني، لكنه لم يتركه لحاله،لعن المقعد الذي يجلس عليه،ندم لأنه لم يختر مقعد ا في أقصى القاعة في اول عهده بالمؤسسة،،هناك سيحلو له أن يفعل ما يشاء،يلهو،يغفو قليلا خاصة في الحصة المسائية الاولى،حيث يغالب النوم،بعيدا عن أعين الاستاذ،،، ترى ما نتيجة المباراة؟المباراة مصيرية بين المغرب و نيجيريا في أديس أبابا، آخر مقابلة قبل مواجهة غينيا في الدور النهائي،،مر الوقت بطيئا،لم يتمكن من التقاط صوت المذياع،،انتهت الحصة،غادر بسرعة ،و قبل الولوج الى قاعة الرياضيات،انزوى بعيدا عن التلاميذ،شغل المذياع،محاذرا أن يراه احدهم،متلبسا بالجرم، شعر بالصدمة،و هم يستمع للواصف الرياضي،يذكر بالنتيجة،المغرب منهزم منذ مطلع الشوط الثاني بهدف لصفر،أعاد المذياع الى جيبه بعد تشغيله،هيأ السماعة،دخل الى القاعة،موقعه هذه المرة أفضل،اختاره بعناية منذ اول حصة،ظلت علاقته بالرياضيات متوترة،منذ الابتدائي،شعر بالارتياح،الاستاذ زاهد في التنقل بين الصفوف،يكتفي بالعمل مع النجباء،لم يكن نجيبا،سيتفرغ  لمتابعة المباراة، الواصف الرياضي،ينقل التفاصيل بكثير من الدقة و الأمانة،يجعلك تشاهد كل شيء عبر أُذنك،موقع الكرة،زوايا الملعب،المسافة بين اللاعب و المرمى،احوال الطقس،،وصف دقيق يمنحك شعورا بأنك تشاهد المباراة،ولا تستمع اليها،،بين الفينة و الأخرى،ينقطع الخط، ليأتي الاعتذار من المذيع،والسبب دائما من المصدر، و المصدر هو الأدغال الافريقية،حيث وسائل البث مهترئة،تتعطل لهبة ريح،أو زخة مطر،،يعود صوت الواصف الرياضي،يردد كثيرا اسماء الهزاز فرس،عسيلة،الزهراوي،الكزار،،فجأة بدأت الاعناق تشرئب نحوه،كل الأنظار باتت مصوبة في اتجاهه،لا يعرف كيف تسرب الخبرالى باقي التلاميذ،رغم كل الاحتياطات انتشر خبر المذياع في القسم انتشار النار في الهشيم، الكل يسأل عن نتيجة المباراة،صار نقطة جذب، صلة وصل بينهم،و احداث المباراة،شعر الاستاذ بأن شيئا ما غير طبيعي يحدث،لكنه لم يكلف نفسه التحري في الأمر،أسعده ذلك كثيرا، الدقائق تمر سريعة على المنتخب،توتره يزداد حدة، لكن اللاعب و الهداف احمد فرس نجح في تسجيل هدف التعادل،قبل ثمان دقائق من النهاية،غمرته الفرحة،انتقلت الفرحة الى زملائه في القسم،،المباراة تسير نحو النهاية،حين كتم صاحبنا صرخة فرحة كادت تنفجر في القسم، حين ردد الواصف الرياضي بكثير من الحماس و الانفعال" اللاعب الكزار لاعب الماص،يسجل هدف الخلاص،هدف رائع،رائع،،يكفينا الآن التعادل مع غينيا لإحراز اللقب الافريقي"، عمت الفرحة كل أرجاء القسم،،في نهاية الحصة،أحاط به زملاؤه،شعر بالزهو وهو يمدهم بالكثير من التفاصيل،،وجد صاحبنا نفسه يسير نحو مكتب الاستاذ على غير العادة،و هو الذي لم يقترب يوما من سبورة الرياضيات إلا مكرها،مد يده،صافحه بحرارة،نظر اليه الاستاذ باستغراب،غادرالقاعة منتشيا، و نظرات الاستاذ المستغربة المتسائلة تشيعه ..

ليست هناك تعليقات: