الجمعة، 24 مارس 2017

مذياع في القسم ج 1

كان شغوفا بمتابعة مباريات كرة القدم،سواء التي يجريها فريق المدينة،الممارس في القسم الثالث،او المنقولة،و لم يكن يفوت أية فرصة لمشاهدة ما يبث على التليفزيون من مقابلات،كان يتسمرلساعات امام شاشة بالأبيض و الأسود من نوع "سيرًا"، Sieraاشتراها والده ،رحمة الله عليه،وشكلت حينها مفاجأة سارة،وغير متوقعة من أب محافظ ذي تربية تقليدية،كانت هدية من السماء،صندوقا سحريا عجيبا،، كان حريصا على متابعة احدى مباريات البطولة الاسبانية بتعليق إسباني،عشية السبت،و البطولة الوطنية عشية الأحد،و ملخصا مطولا لإحدى مباريات الدوري الألماني مساء الأربعاء،بتعليق عربي فصيح،كان يحفظ  النوادي،واللاعبين عن ظهر قلب،و حين يتعذر عليه مشاهدتها على التلفاز،يتابع مجرياتها عبر مذياع صغير،اقتناه بعد شهور من التوفير و الادخار،كان هذا المذياع نافذته التي يطل منها على العالم،لكن اكثر شغفه كان بمقابلات المنتخب الوطني،كان يتابعها بقلب خافق،و بأعصاب مشدودة،يفرح لانتصاراته،و يبكي حزنا و حسرة لانكساراته،يحفظ لاعبيه الكبار،و يعرف أنديتهم،و مواقع لعبهم،يردد أسماءهم الرنانة بكثير من الإعجاب و الانبهار،بدءا من حارس المرمى الهزاز،الى قلب الهجوم و هداف المنتخب احمد فرس،مرورا باللاعبين،نجاح،احرضان،الشريف،بابا،الزهراوي،الكزار،التازي،عسيلة، السميري،السماط،الظلمي،بيتشو،،كان المدرب حينها هو الروماني مارداريسكو،،تابع صاحبنا الاقصائيات،وانتصارات المنتخب المذوية،وحان موعد النهائيات التي ستنظم بإثيوبيا.انتظر صاحبنا بشوق كبير،هذا الموعد القاري الكبير،كان فرصته الذهبية لمتابعة المنتخب،بلاعبيه الكبار،في مباريات عديدة في الأدغال الاثيوبية، لكن الصدمة عقدت لسانه،حين علم ان المباريات لن تبث على التلفاز، بل عَلى امواج الأثير فقط،ابتلع الصدمة،و قنع بمتابعة البطولة عبر المذياع،غير أن صدمة أخرى،غير متوقعة،كانت في انتظاره،و أفسدت عليه فرحته، برمجة المباريات تزامنت مع مواعيد الدراسة،ولما كان التغيب عن دروس الاعدادية،متعذرا،بل مستحيلا،امام سطوة المدير و جبروته،بقامته الفارعة،و نظراته الحادة و الصارمة،كان المدير يتدبر،أمور المؤسسة بنفسه،كان يتابع كل صغيرة و كبيرة،يشرف على التغيبات،و يعالج كل إخلال بالنظام و الانضباط بصرامته المعهودة،،امام استحالة التغيب،فكر صاحبنا بإخفاء المذياع الصغير في جيبه، و ربطه بسماعة،يزحف خيطها تحت ملابسه،لتستقر في أذنه،ندت عنه ابتسامة عريضة وهو يجرب العملية بنجاح،،قرر ألا يخبر أحدا بالسر،بالفكرة الخطيرة،،في اليوم الموعود،انتابته مشاعر من الخوف و الرهبة،تخيل نفسه يقع فريسة سهلة بين يدي الاستاذ،تخيل الضرب الذي سيناله على يد المدير،،،استعاذ بالله،طرد الأفكار الشيطانية من رأسه،حمل محفظته،وقبل أن يغادر،اطمأن الى جودة البطاريات،جرب للمرة الألف،سماع المذياع عبر السماعة،بعد أن دسه في جيبه،غادر و هو يتلو بعض الادعية...يتبع.

ليست هناك تعليقات: